أيتها “المعارضة”..إنك جزء من المشكلة
إنه لمن دواعي الإحباط و الاشمئزاز أن نرى وجوها مما يسمى المعارضة بين الجموع التي حضرت إلى العاصمة يوم 12 فبراير ملبية نداء المشاركة في مسيرة سلمية ، مطالبة بالديمقراطية .
ما أتعس الجزائر و ما أتعس الجزائريين . لم يكف أن حُكم علينا بالرضا بنظام عجوز و رئيس عاجز يسيّر البلاد بذات البيروقراطية العتيقة المفلسة ، و لكن أُجبرنا أيضا على التعامل مع رموز طاعنة في القدم ، تدّعي “المعارضة”.و لا يعتقدنّ أحد أنني أتهكم على هؤلاء لكبر سنهم ، كلا . إن العارف بثقافتنا – و لو معرفة سطحية – يدرك مدى احترامنا و توقيرنا لكبار السن منا ، إلا أن هذه الثلة التي أقصدها لا تملك عقولها من الحكمة ما تجود به علينا ، و عليه فمن الحق أن أقول إنه ليس لها من مكان في مستقبل الجزائر أو في جزائر المستقبل . لقد كانت لكليهما فرصته و لكنهما لم يحسنا استغلالها ، بل دمراها . و إنه لمن دواعي السخرية أنهما أضاعا فرصتيهما و هما يقفان على طرفي نقيض من الحرب الأهلية الطويلة ، فبينما كان هذا يبارك توقيف المسار الانتخابي من طرف الجيش ، كان الآخر يدعو إلى المواجهة المسلحة ضد النظام . الأول – بقيم جهوية بينة – يقسم الجزائريين على أساس عرقي وهمي ، و الثاني – بقيم متطرفة – يقسم الجزائريين على أساس توجهاتهم الدينية . ثم إنهما يوم 12 فبراير يظهران كقائدين “متحدَين” من أجل التغيير … إنه فعلا أمر مثير للاشمئزاز بل و للكآبة أيضا .
و لا يغرنك شيء ، فإن معظم ، إن لم نقل كل الجزائريين ، يريدون التغيير الذي يجلب لمجتمعهم الازدهار، لكنهم إما بقوا في منازلهم يوم 12 ، أو غادروا ساحة الاحتجاج عندما ظهرتم – محاطين بحراسكم الخواص ، تقفون على أشبه شيء بالمنصة أمكنكم أن تجدوه ، و كأنما تريدون التأكد من أننا – أو أن التاريخ – قد شهد حضوركم … حسنا ، قد كان لكم ذلك .
في المرة القادمة ، أسدوا إلينا خدمة جليلة ، ابقوا في منازلكم لأننا سئمنا منكم جميعا على حد سواء . إن الشباب الجزائري قد ملّ المسرح السياسي الجزائري الذي لا مكان له فيه إلا الهامش : النظام الحاكم و “معارضته” جميعا ، كلاكما لا بد أن يتغير. لأنكم كلما تخاذلتم في الأخذ بهذه النصيحة المتواضعة كلما أطلتم مدة انتظارنا لتغيير نرقبه كلنا بشغف.